لقد أصبح مصطلح «رجل الأعمال» يُستعمل اليوم استعمالًا فضفاضًا إلى حدٍّ يخلط بين نقيضين: بين من يخلق القيمة عبر التبادل الطوعي، وبين من يُثري نفسه عبر النفوذ السياسي ونهب الثروة العامة دون استحقاق. هذا الخلط أفسد الفهم الاقتصادي وأضعف الاحترام لريادة الأعمال الحقيقية.
رجل الأعمال الخلّاق
رجل الأعمال الحقيقي مُبدع ومنتِج. يرى قبل الآخرين الفرص الكامنة في تلبية حاجات الناس، فيخاطر بماله وجهده ليقدّم سلعة أو خدمة يحتاجونها. لا يسعى وراء الامتيازات ولا يعيش على المناقصات، ولا ينتظر عطايا الدولة. زبائنه أحرار في قبول ما يقدمه أو رفضه، وهو لا يربح إلا إذا نجح في تحسين حياة الآخرين.
وهذه القاعدة البسيطة — أن الدخل لا يُكتسب إلا عبر تبادلٍ نافعٍ للطرفين — هي ما يمنح رجل الأعمال شرعيته الأخلاقية: فهو يُكافأ لأنه يخدم الناس، ويخدمهم بصدق ونزاهة.
ولا وجود لطريق مختصر إلى النجاح. لا مسؤول يضمن له النجاح، ولا بيروقراطي يحميه من المنافسة، حتى وسط القيود التنظيمية الخانقة وضيق الحرية الاقتصادية. لا يستطيع أن «يرشو طريقه نحو الثراء»، لأن الثراء الحقيقي يُبنى على قدرة إقناع الأفراد الأحرار بالتعامل معه وخدمتهم بكفاءة عالية.
قد يفشل — وكثيرون يفشلون — لكن فشله لا يكلّف دافع الضرائب شيئًا. أما حين يربح، فذلك لأنّه خلق قيمةً جديدة، لا لأنه انتزعها من الآخرين.
الفساد ليس تجارة
لا يمرّ يومٌ من دون فضيحةٍ جديدة، نسمع فيها عن شخصٍ فاسدٍ حصل على عقدٍ حكومي ضخم بفضل علاقاته السياسية، ثم يقدّم خدمات رديئة أو غير مكتملة، ويحوّل أموال دافعي الضرائب إلى ترفه الشخصي. ومع ذلك، تواصل وسائل الإعلام وصف هذا الشخص بأنه «رجل أعمال». لكنّ وصفه بهذا الاسم يُضلّل الناس: فلم يحدث أيّ خلقٍ للقيمة، ولا تبادلٍ إنتاجيٍّ حقيقيّ، ولا خدمةٍ قُدِّمت للمجتمع. بل إنّ المال العام الذي كان يمكن أن يُنفق على الفقراء، اختُطف لحسابٍ شخصي، ولم يخلّف وراءه سوى الخسارة والخراب.
إنّ القاسم المشترك بين هؤلاء الفاسدين هو أنهم لا يشتغلون بخدمة الزبائن، بل بخدمة المسؤولين. لا يخلقون، لا ينتجون، لا يخدمون. إنهم يتلاعبون بأنظمة الصفقات العمومية للحصول على عقودٍ لا يستحقونها، وينتصرون بالولاء لا بالكفاءة.
يدخلون بين المواطن والدولة لا ليضيفوا قيمة، ويقحمون أنفسهم بين دافع الضرائب والخزينة العامة لا لإضافة قيمة، بل لاستخلاصها. الأموال التي يستهلكونها لا تولّد ثروة؛ إنها تختفي. وما كان يجب أن يُبنى به مستشفيات وطرقات ومدارس يُنفق على السيارات فاخرة والزبونية السياسية. وبذلك، يُدمّرون الثقة، ويخنقون روح المبادرة، ويساهمون مباشرةً في انحدار الاقتصاد الوطني.
التجارة الحقيقية تبني الازدهار
على النقيض، فإن رجل الأعمال الحقيقي هو صانعُ قيمةٍ وثروةٍ حقيقية. يبني حين يكتفي الآخرون بالكلام، ويوفّر فرص العمل حين يكتفي الساسة بوضع القوانين والقيود، ويقدم حلولاً حقيقية لاحتياجات السكان التي لا تفي الحكومات بتلبيتها.
بجهده، تتقوّى المجتمعات، وتتسع الفرص، ويُبنى الاستقلال الاقتصادي.
ويُمثّل الدكتور الراحل ريتشارد مابونيا — الذي حاز جائزة التميّز من مؤسسة السوق الحرة عام 2013 — نموذجًا ناصعًا لرجل الأعمال الحقيقي. فقد شيّد، رغم قيود قوانين الفصل العنصري وحرمانه من القروض والتراخيص، واحدة من أنجح الإمبراطوريات التجارية المملوكة للسود في جنوب إفريقيا. حقق ذلك بالإصرار، والمخاطرة الشخصية، والنزاهة الصلبة.
لقد قدّم الخدمات، وخلق فرص العمل، وألهم أجيالًا من رواد الأعمال ليحذوا حذوه. لم ينتظر إذنًا من أحد، ولم ينهب، بل أنتج.
خلط المفاهيم طريق إلى الانهيار
إنّ المجتمع الذي يفشل في التمييز بين من يخلق القيمة ومن ينهبها، يبدأ في الانهيار. فحين يُعامل الفاسدون كمستحقين، والمبدعون كمشبوهين، تُدمّر الحوافز نحو البناء، ويتحوّل النشاط الاقتصادي إلى صراع على الغنائم، لا على الإنتاج، حتى ينتهي الأمر بالخراب.
إن رجل الأعمال الحقيقي ليس متنفّذًا سياسيًا يتاجر بالنفوذ، ولا «باحثًا عن الريع» وليس ناهِبًا للمال العام. إنه من يقدّم سلعةً أو خدمةً ذات قيمةٍ حقيقية لمستهلكٍ حرّ، في سوقٍ تحكمه المنافسة.
فلنعِد كلمة «رجل الأعمال» إلى أصحابها الشرعيين: أولئك الذين يخلقون وينتجون ويخدمون من خلال التبادل الطوعي، يتحمّلون المخاطر، ويعملون بأمانة. فمن دون هؤلاء الرجال والنساء، سيبقى الازدهار حلمًا بعيد المنال.
بقلم يوستاس ديفي – مدير في مؤسسة السوق الحرة (Free Market Foundation)
لمطالعة النسخة الأصلية انقر هنا.
