• مايو 22, 2025

مونتسكيو: التجارة مفتاح السلام والازدهار وحسن النية

قبل تأسيس الولايات المتحدة، كان المفكرون المتنورون مثل مونتسكيو يدركون بركات الحرية وفوائد الترتيبات الطوعية. وقد تم عرض أفكار مونتسكيو بشكل بارز في كتابه “روح القوانين” الذي صدر في عام 1748. هناك، قدم رؤى حول الحكومات التي قسمها إلى أنظمة استبدادية، ملكيات، وجمهوريات. وكان تحليله للعلاقة بين القانون والحرية في الجمهوريات ذا أهمية خاصة لأمريكا.

القانون والحرية

في وقت انخراط السياسة الأمريكية بشكل كبير في الحمائية، كان أحد جوانب عمل مونتسكيو الذي يحمل صلة خاصة بالواقع الحالي هو ما كتبه عن التطبيق العملي للحرية — التجارة الحرة، التي تنبع من ملكيتنا لأنفسنا:

“إن البلدان تُزرع جيدًا، ليس لأنها خصبة، بل لأنها حرة.”

 “المنفعة العامة تكمن في تمتع كل فرد بممتلكاته… مع الحفاظ عليها دون تغيير.”

 “عندما يكون سكان الدولة جميعهم من الرعايا الأحرار… يتمتع كل فرد بملكيته بنفس الحق الذي يتمتع به الأمير.”

 “ليس من مصلحة العامة أن يتم حرمان فرد من ملكيته، أو حتى تقليص جزء منها بقانون أو تنظيم سياسي.”

 “روح التجارة… تجعل كل شخص راغباً في العيش على ملكيته الخاصة.”

 “التجارة تُنتج في ذهن الإنسان شعوراً بالعدالة التامة، على النقيض …من السرقة.”

 “التجارة هي مهنة الأشخاص الذين يعيشون على قدم المساواة.”

 “روح التجارة ترافقها طبيعياً روح التوفير، والاقتصاد، والاعتدال، والعمل، والحكمة، والهدوء، والنظام، والقانون. طالما أن هذه الروح موجودة، فإن الثروات التي تنتجها لا يكون لها تأثير سيئ.”

 “عندما تقوم الديمقراطية على التجارة، فإن الأفراد يستطيعون اكتساب ثروات ضخمة دون فساد الأخلاق.”

 “في الجمهوريات، [التجارة] غالباً ما تكون قائمة على الاقتصاد. تجارها، الذين يراقبون جميع شعوب الأرض، يجلبون من واحد ما يحتاجه الآخر.”

 “من الأفضل بكثير أن نترك [التجارة] مفتوحة بدلاً من تقييد حرية التجارة عن طريق الامتيازات الحصرية.”

 “يجب ألا تستبعد أمة أخرى من التجارة معها، إلا لأسباب عظيمة للغاية…. لأن المنافسة هي التي تحدد القيمة العادلة للبضائع، وتؤسس العلاقة بينها.”

 “لقد نشرت التجارة في كل مكان معرفة عادات جميع الأمم : كل واحدة تقارن بالأخرى، ومن هذه المقارنة تنشأ أعظم المزايا.”

 “تاريخ التجارة هو تاريخ التواصل بين الشعوب.” 

“التجارة هي علاج لأكثر الأحكام المسبقة تدميراً… حيثما نجد عادات طيبة، هناك تزدهر التجارة؛ وحيثما تكون التجارة، نجد العادات الطيبة.”

 “عندما تلتقي أمتان مع بعضهما البعض، إما أن تتقاتلا أو تتاجرا. إذا تقاتلتا، خسرتا كلاهما، وإذا تاجرتا، ربحتا كلاهما.”

 “السلام هو النتيجة الطبيعية للتجارة. فالدولتان اللتان تتاجران تصبحان معتمدتين على بعضهما البعض…ويتأسس اتحادها على تلبية احتياجاتها المتبادلة.”

 “أثر التجارة هو خلق الثروات.” 

“التجارة هي أعظم خدمة للدولة.”

 “من مصلحة [الدول] تحميل هذه التجارة بأقل العوائق الممكنة في حدود ما تسمح به السياسة.” 

“لا ينبغي أبدًا أن تحلّ الاحتياجات الحقيقية للشعب محلّ الاحتياجات الوهمية للدولة.” 

“التجارة… تفر من الأماكن التي تتعرض فيها للقمع، وتستوطن حيث تتمتع بالحرية للإزدهار.” 

“[بسبب التجارة الحرة] أصبح من الضروري أن يحكم الأمراء بحذر أكثر مما كانوا يتصورونه… من خلال التجربة يظهر بوضوح أنه لا شيء سوى صلاح وتسامح الحكومة يمكن أن يجعلها تزدهر… أصبح المزيد من الاعتدال أكثر ضرورة… ومن حسن حظ الرجال أنهم، على الرغم من أن شهواتهم تدفعهم لأن يكونوا أشراراً، إلا أنه من مصلحتهم أن يكونوا إنسانيين وفاضلين.”

الإرث الفكري لمونتسكيو

أقرّ مونتسكيو بأن الحرية تتطلب حكومةً “مُشكّلة بحيث لا يخشى أحدٌ الآخر”. وكانت التجارة الحرة جزءاً أساسياً من هذا الضمان. ولكن القيود التجارية تجعل المواطنين يشعرون دائماً بالخوف من أن يستولي الآخرون على المزيد من سلطة الحكومة ويستخدمونها ضدهم. وتظهر هذه الحماية التجارية، بما تحمل من الكثير من الأقنعة والمسوغات الزائفة، بالضبط ما كان يخشاه مونتسكيو أن يؤدي إلى تقويض الجمهوريات، كما كانت عليه جمهوريتنا في بداياتها: “في جمهورية واسعة النطاق… هناك ثمة أمانات جسيمة جداً لا يمكن وضعها بين ايدي أي شخص واحد؛ فهو لديه مصالحه الخاصة… وفي جمهورية واسعة النطاق يُضحى بالصالح العام.”

كان مونتسكيو أحد أكثر المفكرين السياسيين تأثيراً وراء تأسيس أمريكا في بحثها عن الحرية. ولكن المدى الذي تخلت فيه بلادنا عن أحد أهم جوانب الحرية التي سعينا إليها عندما أصبحنا مستقلين — حرية التجارة كما نراها مناسبة، والتي تقوم على ملكيتنا لأنفسنا ومنتجات جهودنا —يظهر مدى ابتعادنا عن نظام هو بطبيعته سلمي وعادل ومفيد للطرفين.

من قبل تأسيس أمريكا، كان المفكرون المتنورون يدركون بركات الحرية وفوائد الترتيبات الطوعية التي لا تعرقلها المحاباة السياسية، ولا تدعمها تهديدات حكومية باستخدام القوة. مونتسكيو هو جزء من هذا الإرث الفكري، الذي غالبًا ما يتم تجاهله أو الإستهزاء به أكثر من احترامه. نحن بحاجة إلى إحياء وتكريم هذا الإرث. فالحمائية وجميع أشكال الحرب الأخرى التي تشنها الدولة على شعبها مدمرة ويجب تفكيكها.

 

بقلم غاري م. جاليس هو أستاذ الاقتصاد في جامعة بيبر داين وعضو في شبكة هيئة التدريس في مؤسسة التعليم الاقتصادي.

لمطالعة النسخة الأصلية انقر هنا.

Read Previous

أية منظومة ضريبية لسوريا الغد؟

Read Next

فريدريك هايك: الدولة الرعائية والطريق إلى العبودية