• نوفمبر 7, 2025

السوق الحرة لا تعني الانحياز إلى الشركات الكبرى

من السمات الجوهرية للسوق الحرة أنها نظامٌ يقوم على الربح والخسارة. فكلمة «حرّة» في عبارة «السوق الحرة» تعني حرية الدخول والخروج. ففي الاقتصاد الحر، يحقّ لك أن تجني أرباحًا طائلة كمكافأةٍ عادلة على إبداعك وإنتاجك لسلعةٍ أو خدمةٍ جديدة تجعل العالم مكانًا أفضل. وبعبارة الاقتصاديين: أنت تجني الأرباح حين تخلق الثروة. وفي الوقت نفسه، يجب عليك أن تتحمل خسائر كبيرة كعقوبة عادلة على إنتاج شيء يجعل العالم أسوأ مما كان عليه. أي أنك تخسر حين تُدمّر الثروة وتُهدر الموارد.

يعبّر مات ريدلي عن ذلك بوضوح في كتابه الأخير «المتفائل العقلاني»، وأنا أتفق معه تمامًا:

«ليست لديّ أي ميول للدفاع عن الشركات الكبرى، فعدم كفاءتها، وغرورها، ونزعتها الاحتكارية تدفعني تثير غضبي كما تثير غضب أيّ شخصٍ آخر. وكما لاحظ ميلتون فريدمان، فإن الشركات التجارية عمومًا ليست مدافعة عن حرية السوق؛ بل على العكس، فهي من أهم مصادر الخطر عليه. إنها مدمنة على الدعم الحكومي، وتحب اللوائح التنظيمية التي تضع حواجز أمام دخول منافسيها الصغار، وتتوق إلى الاحتكار، ثم تصبح مترهلة وغير فعّالة مع مرور الوقت».
تأمل السيناريوهات التالية، واسأل نفسك: ما الذي ستكون عليه النتائج في حالة “اقتصاد مؤيد للأعمال(pro-business) ” مقابل “اقتصاد السوق الحرّ” (free-market)

  1. شركةٌ خاصة ترغب في قطعة أرض لبناء فندق أو مركز تجاري أو مكاتب:
    o اقتصاد مؤيد للأعمال: الحل أن تستولي الدولة على الأرض عبر «الاستملاك للمنفعة العامة» بحجة زيادة الإيرادات الضريبية. (لكن إذا كانت زيادة الضرائب معيارنا، فلماذا لا نُجبر الجميع على بيع ممتلكاتهم لأصحاب النفوذ؟).
    o اقتصاد السوق الحرّ: إن رضي المالك بالبيع فلك أن تشتري، وإلا فلا تتوقع أن تُرسل الدولة رجالها المسلحين لتجلبها لك.
  2. شركةٌ تتكبد الخسائر لأنها تنتج سلعة لا يريدها الناس:
    o اقتصاد مؤيد للأعمال: رفع الضرائب لمنحها الدعم أو إقراضها لهم بفائدةٍ منخفضة.
    o اقتصاد السوق الحرّ: إمّا أن تُحسّن أداءك أو تفسح المجال لمن هو أكفأ منك.
  3. شركةٌ تواجه منافسةً من الخارج:
    o اقتصاد مؤيد للأعمال: فرض الرسوم الجمركية والقيود على الواردات لجعلها أكثر تكلفة مقارنة بالمنتج المحلي لحمايتها.
    o اقتصاد السوق الحرّ: إمّا أن تطوّر إنتاجك أو تترك الموارد لمن يستطيع خدمة المستهلكين بشكلٍ أفضل.

قد تبدو حلول السوق الحرة قاسية، لكنّها ليست كذلك في حقيقتها. فترك مصير الشركات لتقلبات المنافسة ليس ظلمًا، بل عدالة اقتصادية. ففي السوق، يتنافس الناس على كسب تعاون الآخرين، بينما تعمل الحكومة بالتهديد بالقوة. وحين نحمي شركةً ما عن طريق الدولة، فإننا في الحقيقة نستخدم العنف ضد منافسيها المحتملين.

أدرّس الاقتصاد وأكتب في عددٍ من المواقع. ولو حاولت حماية نفسي من «المنافسة الأجنبية» باستئجار المافيا لمنع أساتذة الاقتصاد الأجانب من التنافس معي في التدريس أو الكتابة، لكان ذلك جريمةً. والفرق الوحيد بيني وبين السياسة الصناعية في بعض الدول هو أنني أستبدل كلمة «مافيا» بـ«حكومة»، و«تدريس الاقتصاد» بـ«صناعة السيارات»، و«أساتذة أجانب» بـ«مصنّعي سياراتٍ أجانب» — فتصبح السياسة الحمائية مغلّفةً بالعلم الوطني.

في السوق الحرة، يُرحّب بك، بل وتشجَّع، على دخول صناعة مصائد الفئران إذا كنت تعتقد أنه يمكنك صنع فخ أفضل أو إيجاد طريقة لصنع فخاخ مماثلة بكفاءة أكبر. الجانب الآخر من هذه المعادلة هو أنه سيتم تشجيعك على مغادرة صناعة المصائد إذا تبين أن مصائدك ليست أفضل، بل أقل جودة وكفاءةً من غيرك.

إنّ أجندة اقتصاد السوق الحرّ ليست هي نفسها أجندةً اقتصاد مؤيد للأعمال.
فالشركات لا تستحق الحماية من المنافسة أو من الخسارة أو الإفلاس حين تفشل في خدمة الزبائن. فهذه العناصر الثلاثة — المنافسة والخسارة والإفلاس — هي أساس الاقتصاد الحرّ والمبادرة الفردية الحقيقية.

آرت كاردن – أستاذ الاقتصاد ومساهم في موقع فوربس

لمطالعة النسخة الأصلية انقر هنا
https://www.forbes.com/sites/artcarden/2010/09/20/free-market-doesnt-mean-pro-business/?ctpv=searchpage

Read Previous

العولمة في خدمة فقراء العالم