• أبريل 29, 2025

لماذا المساواة في النتائج متعارضة مع الحرية؟

يوجد نوعان من المساواة في صراع مستمر: يمكنك أن تحصل على المساواة في الحقوق، أو المساواة في النتائج، لكن لا يمكنك الحصول على كليهما معًا.

كتب الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل (عام 1974) فريدريك هايك: “ليس صحيحًا أن البشر يولدون متساوين… وإذا عاملناهم على قدم المساواة، فستكون النتيجة حتمًا هي عدم المساواة في أوضاعهم الفعلية… وبالتالي، فإن الطريقة الوحيدة لوضعهم على قدم المساواة هي معاملتهم بشكل مختلف. ومن ثم، فإن المساواة أمام القانون والمساواة المادية ليستا فقط مختلفتين، بل هما متعارضتين”.

تقوم المساواة في الحقوق على أساس احترام الحرية الفردية، بينما المساواة في النتائج تتطلب فرض قيود وإلغاء الحرية. فعندما يتمتع الناس بنفس القدر من الحرية، فإنهم يستخدمونها بطرق مختلفة، مما يؤدي حتمًا إلى نتائج غير متساوية. تخيَّل أن تعطي عشرين شخصًا مبلغ 50,000 درهم يوم الإثنين. من شبه المؤكد أنه بحلول يوم الثلاثاء ستكون ثرواتهم غير متساوية. فقد يسارع أحدهم لإنفاق المبلغ في الكازينو المحلي، بينما يستخدمه آخر لشراء الطعام لأسرته. وقد يستثمر شخص ثالث المبلغ في الأسهم أو يفتتح به متجرا صغيرًا. النتيجة الطبيعية أن أصول بعضهم ستنمو، بينما ستستنزف أصول الآخرين، حيث نتائجهم تتغير بحسب اختياراتهم.

إن كانت المساواة في النتائج هي الهدف، فسيكون من الضروري تقييد حرية تقييد تصرفات الأفراد. إذن الحفاظ على نتائج متساوية لا بد من فرض قيود على حرية الفرد في تصرفاته. لا يهم مدى “نُبل” دوافع المهندسين الاجتماعيين الذين يسعون لتحقيق المساواة؛ فتحقيق هذا الهدف يتطلب استخدام وسائل سلطوية. والمأساة الحقيقية أن حتى هذه الأهداف نادرًا ما تتحقق. النتيجة النهائية غالبًا ما تكون مساواة سطحية وفظّة على أدنى المستويات، مع التضحية بالحرية الإنسانية.

إحدى الطرق التي يمكن لأصحاب العقارات تحسين وضعهم الاقتصادي من خلالها هي تأجير ممتلكاتهم للآخرين. فصاحب المنزل قد يختار، على سبيل المثال، شراء منزل أصغر لنفسه وتأجير منزله الأصلي لتحقيق دخل إضافي يعزز مستوى معيشته. يحدث هذا طوال الوقت في اقتصاد حر — إلا إذا كان المنزل قد مُنح له من قِبَل الحكومة وبالتالي خيارات استعمالاته تكون مقيدة. 

خذ على سبيل المثال سياسة الإسكان المدعوم في جنوب إفريقيا. وفقًا لبيان صادر عن حكومة مقاطعة كيب الغربية، فإن “القانون ينص على أن كل مواطن جنوب إفريقي يحصل على إعانة سكن حكومية عند شراء أو تلقي عقار، سيخضع لشرط الشفعة في صك ملكيته، ما يعني أنه لا يمكن للفرد بيع العقار في غضون ثماني سنوات من تلقي المنزل المدعوم إلا بعد الحصول على إذن من المندوبية الإقليمية لوزارة الإسكان.”في المقابل، يمكن لأصحاب العقارات الخاصة بيع ممتلكاتهم بحرية دون الحاجة إلى طلب إذن خاص. تخيَّل أن اثنين من مالكي المنازل يحصلان على فرصة عمل أفضل في مدينة أخرى من شأنها أن تحسن حياتهم بشكل كبير، ولكن يتعين عليهم الانتقال للحصول عليها. الأول يمكنه تأجير منزله والانتقال على الفور، بينما الثاني سيُجبر على التغلب على العقبات التنظيمية وإقناع البيروقراطيين بأن لديه سبباً مشروعاً لتأجير أو بيع ممتلكاته.

تحد اللوائح التنظيمية المصاحبة للإسكان المدعوم من حرية التنقل الاقتصادي للمستفيد، وانخفاض القدرة على التنقل يعني انخفاض الدخول. وكان الهدف الأساسي لهذه البرامج هو تحسين أوضاع المستفيدين، لكن في المقابل كانت النتيجة فقدانهم حريات مهمة كانت ضرورية لتحسين حياتهم. ربما قد تكون هذه القيود ضرورية سياسيا، ولكنها غالبا ما تشكل عقبات أمام الرفاه الاقتصادية.

المشكلة الأساسية التي يواجهها دعاة المساواة في النتائج هي أن الأفراد الأحرار، حتى أولئك الذين يسعون لمساعدتهم، غالبًا ما يتخذون قرارات لا تعكس قيم البيروقراطيين الذين يضعون هذه البرامج. الحل الوحيد لهذه المشكلة من منظور هؤلاء البيروقراطيين هو تجريد المستفيدين من حقهم في اتخاذ القرارات. فبدلًا من ترك الأفراد يختارون بحرية كيفية استخدام مواردهم، يتم فرض قيود على ما يمكنهم فعله، تحت ذريعة حماية “المصلحة العامة” وتحقيق العدالة الاقتصادية. 

في كثير من الأحيان، تكون البرامج الهادفة إلى تحقيق المساواة في النتائج شديدة التعقيد، مما يدفع السياسيين إلى اللجوء إلى الخيار الأسهل: كثيرا من “السحب إلى الأسفل” وقليلا من “الرفع إلى الأعلى”. قد يتم تحقيق المساواة في النتائج من خلال مصادرة الثروات. لكن في هذه العملية، يتم إنشاء نخبة اقتصادية جديدة — تتمثل في وكلاء الدولة أصحاب السلطة، والسياسيين، ومجموعات المصالح الخاصة، والتي تستفيد من إعادة توزيع الثروات، بينما يبقى المواطن العادي عالقًا في حالة من الفقر والاعتماد على الدولة.

لقد رأينا هذا السيناريو يتكرر في الأنظمة الاستبدادية عبر التاريخ التي حاولت خلق المساواة، لكن من خلال تدمير الثروة. لأنه إذا كان من الصعب جدًا رفع المستوى انطلاقا من القاعدة، فمن السهل نسبيًا تدميره من الأعلى. ماو في الصين وبول بوت في كمبوديا قادا حملات واسعة لتدمير الثروات تحت شعار “تحقيق المساواة”. هتلر استهدف اليهود، ليس فقط لدوافع أيديولوجية، بل أيضًا لإعادة توزيع ثرواتهم. وفي زيمبابوي، قاد روبرت موجابي حملة استهداف للمزارعين البيض والمهنيين السود، ما أدى إلى انهيار القطاع الزراعي والاقتصاد الوطني.

الحقيقة الحتمية هي أنه لتحقيق المساواة في النتائج لا مفر من تقييد الحرية الفردية. ولا يهم مدى “نُبل” دوافع المهندسين الاجتماعيين، لأن تحقيق هذا الهدف يستلزم استخدام وسائل سلطوية.

 

بقلم جيمس بيرون، رئيس معهد مورفيلد ستوري، ومؤلف العديد من الكتب، منها “خرافات الانفجار الديمغرافي” و”المد الليبرالي”.

لمطالعة النسخة الأصلية انقر هنا.

Read Previous

ستيف جوبز: رائد أعمال نموذجي

Read Next

الإسلام والتحررية